الصحة نعمة من الله
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) لا شك أن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم وأجمل صورة ووهبه نعما لا تعد ولا تحصى فهو القائل سبحانه (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، ومن النعم التي أسبغها الله على عباده نعمة الصحة والعافية التي بها يستطيع الإنسان أداء ما عليه من واجبات دينية ودنيوية على أكمل وجه، فصحيح الجسم هو الذي يستطيع أن يصلي صلاته كاملة ويستطيع أن يتهجد نافلة، وهو الذي يستطيع صوم الفريضة بل وصوم النافلة، ويستطيع أداء الحج والعمرة، وأن يتابع بينهما أي يحج مرة ويعتمر أخرى لينال الأجر العظيم الوارد في الحديث الحسن الغريب الذين رواه الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة) ، وهو الذي يستطيع أن يجاهد فينال أعظم الدرجات فقد فضل الله تعالى المجاهدين بقوله (لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا).
فالصحة نعمة عظيمة يجب على المسلم أن يشكر ربه عليها وأن يستغلها فيعمل ما يرضي الله تعالى، لأنها لا تدوم بل ربما يمرض الإنسان أو يطعن في السن أو يصاب بمكروه وعندها يندم على ضياع الوقت حيث لا ينفع الندم وقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على اغتنام الصحة قبل المرض في الحديث الصحيح الذي رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وصححه الألباني عن عمرو بن ميمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل : (إغتنم خمسا قبل خمس : حياتك قبل موتك ، وفراغك قبل شغلك ، وغناك قبل فقرك ، وشبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك). وفي مثل هذا المعنى أيضا روى الترمذي في الحديث الحسن الغريب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (بادروا بالأعمال سبعا هل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر) والمسلم هو الذي يسارع إلى الخير وهذه صفة امتدح الله بها عباده بقوله (يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) وأما الكافر أو المنافق أو الفاسق فليس همه إلا دنياه فيعمل من أجلها ليلا ونهارا وينسى نفسه فينساه الله حتى إذا أخذه لم يفلته.